فلاسفة أدباء

سقراط "شهيد الحرية"

لم يكن سقراط فيلسوفا عاديا بل كان من اعظم الفلاسفة دفع حياته كلها ثمنا لأفكار وما يؤمن به ، كان سقراط شهيدا للكلمة حيث ضحى بحياته لينال حريته ، حاول أصدقاء سقراط مساعدته على الهرب من السجن لكنه رفض ، حاول الحكام اغراؤه واستمالته بالأموال ليغير أفكاره فيطلقون صراحه لكنه أبى في شمم وعزة ايمانا بأفكاره وحريته ، فكانت نهايته الاعدام أمام جموع الشعب في محاكمة هزلية جدا لكن المهم في هذا كله الأثر الكبير الذي خلفه سقراط لأثينا فقد كان لخطبته وقع كبير على اليونانين حيث علمهم حب الحرية واحترام حقوق الانسان وقد سار على ضربه تلميذه العبقري افلاطون الذي كان له فكرا متميزا وأنشأ مدرسة خاصة جدا في الفلسفة ليصبح فيما بعد هو الآخر معلما للفلسفة.

إن ماخلد ذكر سقراط أنه كان يحث مواطنيه على الفضيلة ويرشدهم إلى الخير ويستحثهم على ذلك كما تستحث النحلة الفرس على الحركة على حد تعبيره
 لذلك كانت شخصيته أبعد تأثيراً في نفوس تلاميذه من دورسه النظرية، حيث يطغى الجانب العملي على الجانب النظري. فقد كانت محاوراته تدور حول موضوعات أخلاقية وثيقة الصلة بالحياة العملية ولهذا فإن المدارس السقراطية التي ظهرت بعده أخذت تعنى بالعمل على حساب العلم.

 

إن مسألة إعدام سقراط هي التي أضفت عليه تلك الهالة من القداسة في نفوس المثقفين بعامة ودارسي الفلسفة بخاصة على مر العصور، والصورة قدمها لنا أخلص تلاميذه أفلاطون، وهي بقدر ما تضفي من قداسة على سقراط بوصفه شهيد الكلمة وحرية الرأي بقدر ما يشير أصبع الاتهام إلى أثينا ، ولا شك أن أثينا قد أخطأت في حق نفسها بقدر ما أجرمت في حق سقراط حين أعدمته.

لقد كان المواطنون الاثينيون الكبار في السن على استعداد لتشريفه لو حاول استعادة الدين القديم الذي يؤمن بتعدد الآلهة، ولو أنه دعا الشباب المتحرر من الخرافات والأساطير القديمة إلى المعابد والحدائق المقدسة. وطلب منهم مرة ثانية تقديم الأضاحي لآلهة آبائهم. ولكنه اعتقد أن تلك سياسة انتحارية لا أمل فيها وأنها تقدم إلى الوراء. لقد كان له ايمانه الخاص به، لقد آمن بإله واحد، وآمن باعتدال أن الموت سوف لا يقضي عليه تماماً، أدرك أن هناك شريعة أخلاقية أبدية لا يمكن أن تقوم على دين ضعيف كالدين الذي آمنت به أثينا في ذلك الوقت. وإذا كان الانسان يقدر على بناء نظام من الأخلاق مستقل تماماً عن المبادئ الدينية، ويطبق على الملحد والقسيس على السواء، عندئذ قد تأتي الديانة وتروح من غير أن تحل الاسمنت الأخلاقي الذي يجعل من الأفراد مواطنين مسالمين في المجتمع

أعدموه لأنه كشف لهم جهلهم.. لأنه سخر من حكومة يحل العدد فيها محل الحكمة ويرأسها الجاهل لا الحكيم

سجل تلميذه أفلاطون لحظات موته في نثر أشد روعة من الشعر وهو الدفاع البسيط الذي أعلن فيه أول شهيد للفلسفة حقوق الانسان، وضرورة حرية الأفكار.


 
.

تم عمل هذا الموقع بواسطة